الأحد، 16 أغسطس 2009

الوقوع في الحب



لست ادري كيف وقعت في هواها وتملكتني تماما .. ولكني اذكر جيدا متي ! حينها كنت في الثامنة من العمر تقريبا ، حين مرت امام بيتي - في حي الحسين بالقاهرة الفاطمية - عربة بائع نباتات الزينة . فكانت تلك العربة تشق الطرق مخلفة وراءها رائحة الياسمين والريحان لتملئ ربوع الحي.. واشتريت بمصروفي اول (نبتة ) في حياتي ، احتضنتها ورائحة الريحان ممزوجة برائحة الطين المبتل تملئ صدري وتغمرني فرحة لا تنسي
.
وتمر السنوات تلو السنوات ، وانا اجمع وأقرأ واتتبع كل ما يقع تحت يدي وبصري من اشياء خاصة بالنبات . وبعد ذلك اصبح لدي مجموعة صبار متواضعة يصنف اغلبها علي انها الاندر والاكثر جمالا ! والنبات كاللون في التصوير لا يري منفردا وانما يري في مجموع ما حوله من الوان او نبات , بصرف النظر عن قيمته المادية . وانا وانت كذلك .. تتحدد قيمتنا بمقدار تفاعلنا مع الاخرين ، وموقعنا بالنسبة لهم ، اعتقد ان تلك قوانين كونية!
ورؤية ما حولنا من كائنات ومعرفتنا به وادراك خصائص الاشياء وكنهها ، جزء اساسي في انسجام الانسان مع نفسه ومع من حوله في الكون الفسيح، وكذلك ارتباطه بخالقه ومعرفه صفاته العلي وقدرته وحكمته في خلقه
!
وفي كل صباح استيقظ مبكرا وأقف متأملا يتملكني الاعجاب والدهشة امام ذلك المنظر البديع للصبار علي نافذة مرسمي – خاصة وانني قضيت سنوات عمري ادرس خفايا التصميم واتتبع اسرار التركيب الجمالي للأشياء – فلا يسعني الا ان الهج بالتسبيح والعرفان لذلك الخالق اللطيف الذي صور فأبدع وانشأ فاعجز ، حتي اسر العقول والقلوب معا، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
تحول الانبهار تجاه الاشياء الي الانبهار تجاه منشئ الاشياء ، حتي احسست انه استدراج كما تقودك القنوات الصغيرة الي النهر الواسع ، وكما يرشدك عرق الذهب الي المنجم الكبير

(أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ
مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)


لا اله الا هو ، فحينها فقط تدرك اللا نهائي ويتضائل علمك وتتواضع في نفسك وتري موقعك من هذا الكون الفسيح ، وتعرف في نفس الوقت كم هو عظم قدرك عند ربك ان خلق هذا الكون الفسيح من اجلك انت .. انت فقط !

انها منظومة كاملة ، مترابطة ، فمن الصعب ان تعرف الاشياء دون معرفة منشأها ، ومن المستحيل ان تحب الناس دون ان تتعلق بخالقهم ، فمن ذا الذي يلقي بالمحبة في القلوب غيره .. لا تختصر العالم في معشوق واحد .. القي بالمحبة للجميع ،وأوصل الجزء بالكل
اللهم اني اسألك حبك ، وحب من يحبك والعمل الذي يقربني الي حبك . اللهم اجعل حبك احب الي من نفسي ومن اهلي ومن الماء البارد
.
القاهرة في 14/6/2009
عاصم عبد الفتاح

هناك 5 تعليقات:

  1. مجموعة غالية في الروعة أخي الفاضل

    أرجو التشرف بمعرفتك وتبادل بعض النباتات مع سيادتكم ولي عظيم الشرف

    ردحذف
  2. لقاءنا قريب ان شاء الله استاذ محمد، الاسبوع القادم

    ردحذف
  3. يشرفني دائما اللقاء مع سيادتكم وكل عام وانتم بخير وإلى لقاء قريب بعد انتهاء الامتحانات
    أخيكم محمد الورداني

    ردحذف
  4. سيدي صاحب الحديقة الملونة قادتني زيارة بالصدفة لمرتع الاستاذ محمد الورداني الجميل وانار طريقي الفضول لحديقتكم واكتشفت انك لست فنانا عاشقا لجمال محلوقات الله تعالى وانما انت فيلسوف كذلك وفلسفتك رائعة في عالم مادي محض

    ردحذف
  5. اشكرك شكرا جزيلا علي كلماتك الرقيقة شروق، لك خالص تحياتي

    ردحذف